عندما تُزهِر الذكرياتُ الحزينة

عندما تُزهِر الذكرياتُ الحزينة

نولدُ كزَغب القَطَا .. عصافيرَ صغيرةً دافئةً .. ترتعش جوعاً وخوفاً .. وتفتح أفواهاً رقيقة .. تستجدي نَسْغَ الحياة .. في قلوبنا براءةٌ وتفاؤل .. وفي أعيننا دهشةٌ وتساؤل.

تمتدّ إلينا يدُّ الرحمة .. قادمةً من السماء .. وتتفجّرُ من أجلنا كُلّ ينابيع الحنان والعطاء .. إنها الأمومة .. إنها أعظمُ مشاعر عرفتها الإنسانية .. إنها الكرمُ الإلهي يتجلّى في صورة بشرية.

كان عطاء ربّي الكريم برداً وسلاماً .. أهداهُ إليّ عندما وهبني أمّاً رحيمة .. رقيقة .. حكيمة .. شدّتْ أوتارَ قلبي بأناملها الياسمينيّة فجاءَتْ الألحانُ لمساتٍ بديعةً نسجَتْ سُندس روحي ..!

نورُ نظراتِها اللطيفة هو الذي قادني في دروب الحياة بنعومة وظُرْف .. وعتابها الهادئ هو الذي أدّبني بهدوءٍ ولُطف.

لم تزجرني يوماً .. ولم تعنّفني .. لذلك بقيت مرآةُ روحي مصقولةً صافيةً، فكلّ بديع أراه في الوجود هو انعكاسٌ لجمال روح أمي.

كانت لأمي فلسفةٌ متميّزة عن الوجود .. كانت ترى أنّ ربّنا الواسعَ مدّهُ بلا نهاية لنرى عظمتَه في اتساع كونِه .. ولِنرى كرمَهُ في عطائه .. فكلّ لفتةِ سحر .. وزرقةِ نهر .. وفضّةِ مطر .. خُلقَتْ لأجلنا نحن البشر.

Read Full Post »