كتاب ( قس ونبي ) بين النقد والنقض..! الجزء الثاني
12/02/2014 بواسطة halahani
كتاب ( قس ونبي ) بين النقد والنقض ..!
الجزء الثاني
ما هو الدين الذي كانتْ عليه قريشٌ قبل بعثة النبي محُمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ؟؟ وهل كانتْ قريشٌ نصرانيّة أو أحدُ فروعِها ؟؟ وهل وُجد في الكعبة صورةٌ لعيسى ومريم عليهما السلام ؟
يقول (الحريري ) صانع كتاب ( قس ونبي) في الفصل الأول الباب الثاني ( نصرانية القس ورقة ) الصفحة 14 ما يلي : (( وشهد التاريخ الإسلامي على تنصُّر أحياء كثيرة من العرب ، ودلَّ خاصة على دخول النصرانية بعض قبائل مكة والحجاز وأشار إلى اعتناق بعض بطون قريش لها ، وأخصها فرع عبد العُزَّى بن قُصي قال اليعقوبي في تاريخه : ( وأما من تنصر من أحياء العرب فقوم من قريش من بني أسد بن عبد العزّى منهم عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزّى وورقة بن نوفل بن أسد ، وأشار أيضاً إلى تدين قبيلة قريش كلها في قوله : (وكانت العرب في أديانهم على صنفين الحُمس والحُلة فأما الحُمس فقريش كلها ) وأوضح اليعقوبي معنى هذا التدين قائلاً : ( كانت قريش وعامة ولد معد بن عدنان على بعض دين إبراهيم ، يحجّون البيت ، ويقيمون المناسك ، ويُقرون الضيف ، ويعظّمون الأشهر الحرم ، وينكرون الفواحش ، والتقاطع والتظالم ، ويعاقبون على الجرائم ، فلم يزالون على ذلك ما خلوا ولاة البيت ) ويؤكد الأزرقي في آثار مكة نصرانية قريش وتدينها في قوله : وَجَعَلُوا فِي دَعَائِمِهَا صُوَرَ الْأَنْبِيَاءِ، وَصُوَرَ الشَّجَرِ، وَصُوَرَ الْمَلَائِكَةِ، فَكَانَ فِيهَا صُورَةُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ شَيْخٍ يَسْتَقْسِمُ بِالْأَزْلَامِ، وَصُورَةُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ، وَصُورَةُ الْمَلَائِكَةِ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، فَجَاءَ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ أَمَرَ بِثَوْبٍ، وَأَمَرَ بِطَمْسِ تِلْكَ الصُّوَرِ، فَطُمِسَتْ. قَالَ: وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى صُورَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَقَالَ: «امْحُواجَمِيعَ الصُّوَرِ إِلَّا مَا تَحْتَ يَدَيَّ» فَرَفَعَ يَدَيْهِ عَنْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمِّهِ .)) انتهى نص (الحريري) .
لا تخفى على الباحث المتخصص الأخطاءُ والتشويهاتُ الكثيرة التي لحقتْ بالنص السابق المضطرب ، كما لا يخفى عليه لماذا أورد (الحريري ) الجُملَ بهذا الأسلوب المراوغ واضعاً الجملة ومفسراً ما بعدها فوراً بنقيضها لأن طالب الحاجة أرعن ..! فانتبهوا مثلاً إلى ما أورده الحريري في نصه السابق من تناقض متكئاً على قول اليعقوبي ، يقول الحريري : أشار اليعقوبي إلى اعتناق بعض بطون قريش للنصرانية ثم ألحقها بجملة وأشار اليعقوبي إلى تدين قبيلة قريش كلها (على معتقد الحمس الشركي ) ..!! ثم إن الحريري يعتمدُ مُعظمَ أدلتِه من كتب لا يعتمدُها علماءُ المسلمين بل يعتمدها كلُّ المشككين الطاعنين ..! وهذه الكتب ليست محُقَقَة فمعظم أحاديثها يتراوح بين الضعيف والموضوع ..!! وعلى رأسها السيرة الحلبيّة وتاريخ مكة للأزرقي وتاريخ اليعقوبي ذلك الكتاب المحشو بالأخطاء والمغالطات ، كما ذكر نقادُ التاريخ المتخصصون إذ أنَّ (تاريخ اليعقوبي ) يُمثِّلُ الانحرافَ والتشويه الحاصلَ في كتابةِ التَّاريخِ الإسلاميِّ ، وهو مرجعٌ لكثيرٍ من المستشرقين والمستغربينَ الذين طعنُوا في التَّاريخِ الإسلاميِّ وسيرة رجاله. مع أنه لا قيمة كبيرة له من الناحية العلميّة إذ يغلب على القسم الأول: القصص والأساطيروالخرافات أما القسم الثاني فقد كُتِبَ من زاويةِ نَظَرٍ منتميّة وغير موضوعيّة , كما أنه يفتقدُ مِنَ النَّاحيةِ المنهجيّةِ لأبسطِ قواعدِ التَّوثيقِ العلميِّ .ورغم كل ذلك فإن ( الحريري ) يفتري على مَنْ يستدلُ بكتابه وهذا ليس من أدب البحث العلمي..!!
يقول (الحريري) : ((وأشار- اليعقوبي – أيضاً إلى تدين قبيلة قريش كلها في قوله: (وكانت العرب في أديانهم على صنفين الحُمس والحُلَّة……) والعجيب أنَّ (الحريري) يلقي بالكلام كيفما اتفق وكأنه يخاطب المجانين..!! فكيف أشار اليعقوبي إلى نصرانية بعض قريش ثم تدين كل قريش في حديثه عن دين الحُمس التي كانت عليه كلُّ قريش ، وما دخل الحُمس والحُلّة بالنصارى أصلاً..؟؟ إنه الخلط والتخليط الشنيع في أسلوب الحريري المفتري وبركاكة عجيبة وتاريخ اليعقوبي كتاب لا تنقصه الافتراءات ….!!!! وإذا كانت قريش كلُّها تحجُّ البيتَ وتعظِّمُ الأشهر الحرم وتطوف بين صنمي أساف ونائلة فهل هذا دليل على أنها نصرانيّة أوحتى بطون منها ..!! بل ما علمنا عاقلاً يزعم أنَّ النصارى أو فئةً منهم طافوا حول البيت الحرام أو عظَّموا الأشهرَ الحرمَ فلله درُّك أيها (الحريري) من باحث (عن الحقيقة)..!!
ثم يزعمُ (الحريري ) دون دليل وخلافاً لكل كتبِ التاريخ والأنساب أنَّ فرعَ عبد العُزّى بأكمله كان فرعاً نصرانياً ، وفي الحقيقة و بالدليل القاطع فإنَّ فرعَ عبد العُّزىلم يكن كله إلا فرعاً مشركاً يعبد الأصنامَ لتُقَرِبَهُ إلى الله زلفى ، وإنَّ تَنَصُّرَ فرد أو فردين من الفرع لا يعني هذا نصرانية الفرع كله ، فالتعميم عند (الحريري ) من أعظم عيوبه وهذا يدل على قلة الإطلاع وانعدام التخصص في المباحث التاريخية ذات البعد العَقَدي ..!! أضف إلى ذلك أنه حتى كلمة (قوم ) التي اتكأ عليها الحريري لا تعني (في اللغة ) الكثرة بالضرورة ، إذ يمكن إطلاق كلمة قوم على جماعة يمكن عدُّها و إحصاؤها ، لذلك يمكن القول في العربية جاء القوم إلا زيدًا..!! وواضح جداً أن كلمة قوم في قول اليعقوبي الذي يستشهد به الحريري وردت بمعنى الجماعة القليلة لأنها مشفوعة بإسمين فقط ..!!
إنَّ الحديثَ الذي أورده الحريري عن الأزرقي : (امحُ كلَّ صورةٍ فيها إلا ما تحت يدي، فرفع يده عن عيسى وأمه) .هو حديث منكر. أخرجه الروياني في ((مسنده)) (ق 266 / 1) من طريق ابن جريج وأورد سبب نكارته الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة .
أما من بعض الأحاديث التي صححها الألباني في موضوع الصور داخل الكعبة فهي كما يلي : عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى الصُّوَرَ فِي الْبَيْتِ – يَعْنِي: الْكَعْبَةَ – لَمْ يَدْخُلْ ، وأَمَرَ بِهَا فَمُحِيَتْ ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ وإسماعيل بأيديهم الْأَزْلَامُ ، فَقَالَ: ((قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ! وَاللَّهِ مَا اسْتَقَسَمَا بالأزلامُ – قطُّ)). وعن ابن عباس:أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قَدِمَ مكة؛ أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة، فأمر بها فأُخرجت، قال: فأخْرَجَ صورةَ إبراهيم وإسماعيل وفي أيديهما الأزلام، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” قاتلهم الله! والله! لقد علموا ما اقتسما بها قَطُ “.قال: ثم دخل البيت؛ فكبَّر في نواحيه وفي زواياه، ثم خرج ولم يُصَّلِ فيه. قال الألباني: إسناده صحيح على شرط البخاري
ثم إنَّ الدينَ الإسلامي يحرِّمُ الصورَ والتماثيلَ تحريماً قاطعاً لا لبس فيه ولا إشكال وذلك للأحاديث الكثيرة الصحيحة الواردة عن خير المرسلين وخاتم النبيين صلوات ربي وسلامه عليه : فقد ورد في صحيح البخاري عن ابْنُ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً، فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا» وفي البخاري أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ» وعلَّقَ على ذلك الدكتور المحقق مصطفى البغا بقوله : ( قد تكون صور بشر وحيوانات ولا يُشترط أن تكون ذات أبعاد ثلاثة بل تنطبق على ما يُرسم باليد أو يثبت شكله وخلقته بواسطة آلة ). و بناء على ما سبق من الأدلة المُحرِّمة للصور وبشكل قاطع فإن الرسولَ الكريم محمداً عليه السلام لم يضعْ يدَه على صورة عيسى وأمه عليهما السلام ، لأنه أسوةٌ وقدوةٌ لكل المسلمين ، فما كان ليقول قولاً موحى إليه ثم يفعل ما يناقضه ..! ثم إن الرواية التي أوردها الحريري لا يُعتدُّ بها أصلاً لأنها موضوعة أي ملفَّقة وكاذبة ..!!
وفي الحديث الصحيح عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البَيْتَ، فَوَجَدَ فِيهِ صُورَةَ إِبْرَاهِيمَ، وَصُورَةَ مَرْيَمَ، فَقَالَ «أَمَا لَهُمْ، فَقَدْ سَمِعُوا أَنَّ المَلاَئِكَةَ لاَ تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ، هَذَا إِبْرَاهِيمُ مُصَوَّرٌ، فَمَا لَهُ يَسْتَقْسِمُ» أخرجه البخاري وهذا الحديث صحيح لذلك من المنطقي أن يُطرح السؤال التالي ما الذي أتى بصورة مريم عليها السلام إلى داخل الكعبة ؟؟! علماً بأن تجسيدها تمثالاً أو صورة يرمز للثقافة المسيحية ؟؟!! أما السؤال البعيد عن المنطق والذي أوحى إليه الحريري في نصه السابق فهو: هل وجود رسم مريم عليها السلام في الكعبة يدلُّ على أن محمداً كان تلميذ النصارى ؟؟!!
تورد كل كتب التاريخ المعتبرة ومعها المصادر النصرانيّة أن باقوم الرومي النصراني القادم من جدة هو الذي بنى الكعبة في الجاهلية وزينها مع النجار القبطي المقيم في مكة ، وذلك عندما أعادت قريش بناءها بعد هدمها لأنها احترقت حريقاً كبيراً ..!! وقصة هذا البنَّاء النصراني أنه كان على سفينة لقيصر ملك الروم تحمل آلات البناء من الرخام والخشب والحديد ، كان قد سرَّحها قيصر الروم مع باقوم الرومي إلى الكنيسة التي أحرقها الفرس في الحبشة ، فلما بلغت مرساها من جدة ، بعث الله عليها ريحاً حبستها فحطمتها ، فخرجت إليها قريش وعلى رأسهم جلمود الشرك الوليد بن المغيرة واشترت خشبها ، وطلبوا من باقوم وقد كان بنَّاءً العمل معهم على أجر وهو أن يتجروا معه ، وكان بمكة نجار قبطي ( نصراني ) لم يكن في مكة أمهر منه فاقتادوه في مهنتهم أيضاً وتولى تزيين الكعبة فزوقها لهم بالصور!! وقد ورد ذلك في الإصابة وفي السيرة والشمائل للسهيلي وفي سيرة ابن إسحق وكتاب ( غريب الحديث ) لأبي سليمان الخطابي وابن منده في كتاب معرفة الصحابة والدكتور جواد العلي صاحب كتاب ( المفصل في تاريخ العرب ) وأورد ذلك ابن سيرين وكذا الأب رزق الله شيخو في كتابه (النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية) ، ومثل ذلك ما رواه أبو الوليد محمد الأزرقي في كتاب أخبار مكة (ص105، 107، 114) عن باقوم الرومي النجار والبناء الذي وكلت إليه قريش بناء الكعبة بعد حريقها وتصدع جدرانها ، فبناها بما اشتراه القرشيون من الخشب الذي أقبلت به سفينة الروم إلى جدة. وهم نصارى الأقباط والروم أيضاً الذين سقفوا بالساج المزخرف المسجد الحرام في مكة في أيام الوليد بن عبد الملك (الأزرقي ص209) وقد تعمدتُ ذكرَ ورود القصة عند الأزرقي – صاحب التاريخ غير المحقق – لأنه الكتاب الذي يأخذ منه الحريري ولكنه توقف هنا ولم يأخذ منه فكلام الأزرقي هنا بالذات لم يعجبه لأنه وببساطة لا يصبُ قي مستنقع افتراءاته …!!!
أما ابن خلدون فيناقش سبب وجود الحرفيين النصارى في مكة في الجاهلية حيث يقول في المقدمة (2: 313 طبعة باريس) : “إن العرب أبعد الناس من الصنائع والسبب في ذلك أنهم أعرق في البدو وأبعد من العمران الحضري. والعجم من أهل الشرق وأمم النصرانية عدوة البحر الرومي أقوم الناس عليها ، لأنهم أعرق في العمران الحضري وأبعد عن البدو” ثم ذكر كيف أن العرب استجلبوا صنائعهم من عند تلك الأمم. وأيضاً يقول محمد إبراهيم الفيومي في كتابه : تاريخ الفكر الديني الجاهلي : (( هناك روايات تاريخية تذكر أنَّ الفرس قصدوا مكة كثيرا وذلك كما ذكر المسعودي في مروج الذهب “1: 188” قال : ( وقد كانت أسلاف الفرس تقصد البيت الحرام، وتطوف به تعظيما له ولجدها إبراهيم.) كما دخلها جيش أبرهة الحبشي وكتب غير واحد من اليونانيين المؤرخين: أن أبرهة زحف على مكة في مركب يجرها أربعة من الفيلة وأن جيشه لم يعد منه إلا القليل لكثرة من مات منه , كما لجأ إليها من المسيحيين : النساطرة وأصحاب الطبيعة الواحدة وكلا المذهبين اضطُهدا سياسياً، ودينياً. وبسبب عزلة مكة -لأن طقسَها قاسٍ- فقد رغب فيها اللاجئون السياسيون الذين وقعوا فريسة للاضطهاد السياسي، أو الديني، فكانوا يفزعون إليها؛ لأنهم يجدون فيها الملجأ الآمن المُطَمْئِن، وكذلك جاليات اليهود، والنفر من النصارى، الذين ما دخلوا تلك البلاد إلا فرارا من حملات الاضطهاد الروماني التي وقعت عليهم. لذلك لم يكن بعيداً علينا أنْ نجدَ في مكة قديماً – كما ذكر القرآن- بعضاً من اليهود والنصارى، والمجوس، والصابئين، ونجد فيها: الأصنام، والأوثان،( وصور مسيحيّة ) , ومصطلحات دينية غير عربية مثل: الجبت، والطاغوت.ومعلوم ( لكل باحث مرموق ) أنَّ اليهوديّة لم تنشأ في مكة، ولا النصرانيّة، ولا المجوسيّة، ولا الصابئة، ولكنها وفدت إليها تحت قسوة الاضطهاد السياسي أو الديني. )) انتهى . أضف إلى ذلك أن أولَ من كسا الكعبة هو تُبع الآخر اليماني وهو أسعد الحميري وكان هذا الشخص على النصرانيّة . وبناء على كل ما سبق فإنه لم يعدْ من الغرابة بمكان وجود شيء من آثار نصرانية ثقافية في مكة ، بل وجود صورة لمريم عليها السلام جداريّة كانت أم تمثالاً في الكعبة إلى جانب صورة أبي الأنبياء إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام رافِعَيْ قواعد البيت من بين التماثيل الكثيرة التي كانت تُعدُّ بالمئات في مكة ..! ونذكر وننوه بأن النصارى لا دخل لهم بإسماعيل وقد وجدت صورته مع صورة مريم عليهما السلام ..!
ولا بأس في الاستطراد بأن نعود قليلاً إلى أبرهة الحبشي الأشرم المسيحي الذي غزا مكة لنثبتَ حقائق لا بد من سردها لأهميتها ولعلاقتها بالموضوع ، فأنا لست شغوفة بتعقب افتراءات الحريري بقدر شغفي بتجلية الحقائق ذات الصلة : تُقدم كتبُ التاريخ أبرهةََ على أنه مسيحي من مملكة أكسوم ( إثيوبيا حالياً ) ، ويقال له أيضاً أبرهة الأشرم (ت 570) كان حاكماً على الأراضي العربية من مملكة أكسوم الحبشيّة هذه ، ولاحقاً أصبح ملكاً على اليمن, أبرهة كان واحداً من قادة جيش الملك (كالب ) الذي أُرسل لإخضاع الجزيرة العربية في حوالي عام 520 م ، ثم في عام 571 م حاول الخبيث أبرهة الاعتداء على الكعبة المشرفة إذ كان يريد هدمها ليُحوِّلَ العربَ إلى (القليس ) كنيسته الكبيرة في اليمن فيسيطر على بلاد العرب ويتحول العرب إلى النصرانيّة ( وهذا يؤكد أنَّ العربَ في مكة لم يكونوا نصارى طرفة عين ولا حتى بطون منهم ..!! ) ولكنَّ أهلَ قريش رأَوا الجيش بأعداده وعتاده فهربُوا إلى الجبال وبينما كان أصحابُ الفيل المسيحيون يحاولون دفعَ الفيل العظيم المُعَد خصيصاً لهدم الكعبة المشرفة إذْ سلط عليهم الله تعالى طيوراً تقذف الحجر الملتهب فتُهلكُ من أصابت ..!!
والآن لا بد من الإشارة إلى أمرين: الأمر الأول أن قريشاً لو كانتْ نصرانيّة أو أن مكة تعجُّ بالنصارى فلماذا أراد أبرهة المسيحي غزو مكة وهدم الكعبة بهذه الضراوة والوحشية ؟؟!! كان على الأقل اتفق أو حاول الاتفاق مع النصارى منهم ولا سيما أنَّ الكاتبَ (الحريري) زعم أنَّ ورقةَ بنَ نوفل كان قس مكة في ذلك الوقت ..!! وما دامت قبائل العرب في مكة من النصارى أو بعض منهم على الأقل فلماذا فزعوا وهربوا من جيش أبرهة النصراني وكان من الواجب أنْ يستأنسوا ويرحبوا به أو بعضاً منهم على الأقل ولو دفعاً لشره ولا سيما أنَّ الدينَ مشترك ؟! .. ولماذا قامت بعضُ القبائل وعلى رأسها قبيلة (هُذيل ) بالدفاع عن البيت ببسالة سجلها التاريخ ضد الغازي المسيحي ..؟! ثم إذا كان أبرهة المسيحي على الحق فلماذا أرسل الله على أبرهة وعلى جيشه المسيحي العذابَ الماحق المريع على شكل حجارة مشتعلة تحملها الطير الأبابيل تلقيها على رؤوسهم ، والحادثة هذه فريدة جداً ومثبتة لدرجة أنَّ كلَّ المؤرخين على اختلاف دياناتهم ذكروها ، حتى أنَّ العام سمي عام الفيل وهو نفسه الذي ولد فيه محمد عليه الصلاة والسلام ..!! هذه الأسئلة كلها برسم ( الحريري ) الباحث (النحرير) عن الحق والحقيقة ..! هذا وننوه إلى أنَّ المصادرَ المسيحية نفسها مختلفةٌ حول تصويرها لأبرهة، فالمصادر البيزنطية ترسم صورة سيئة عنه ومَرّد ذلك أنه لمْ يفِ بأي من وعوده لهم أما المصادر المسيحية الأخرى فتصفه بأنه كان مسيحياً حقاً يخاف الربَّ . (ولذلك ذهب لهدم بيت الله الحرام الذي رفعه إبراهيم …) ..؟؟!!!
من هم الحُمس والحُلّة والطُّلس في قريش هل هم حقاً فرق من النصارى ؟؟!
كانت قريشٌ قبيلةً مشركةً ، تعبد الأصنامَ زاعمةً أنها تقربها إلى الله . فقريش لم تكنْ تنكرُ اللهَ ولكنْ تُشرك في عبادته شركاً عظيماً ، وكانت قبيلة قريش تمارس في عبادتها شعائرَها الخاصة أثناء الطواف حول البيت العتيق الذي كان يغصُّ بمئات الأصنام ..! وكانت القبائل المشركة الأخرى تقطع الفيافي والقفار لتطوفَ حول هذه الأصنام ، وكانت قريش تعدُّ نفسَها مميزة عن القبائل الوافدة لأن البيتَ في عُهدتها فهم السدنة الكرام ، وتفرَّق المشركون من قريش وغيرهم من قبائل العرب في ممارسة شعيرة الطواف حول الكعبة المليئة بالأصنام على ثلاث فرق وليس على (فرقتين ) -كما أشار الحريري فهو يزيد وينقص من المعلومة التاريخية المثبتة على هواه وفقاً لحاجته – وهذه الفرق الثلاثة هي :الحُمس والحُلّة والطُّلس وأعود للتأكيد على أن الاختلاف في طرق ممارسة الشعائر وليس في العقيدة فكلهم على الشرك يعبدون الأصنام ويطوفون حولها ، إلا أنَّ الحُمسَ وهم شديدو الدين المتحمسون في انتمائهم إلى الحَرَم ، يطوفون في ثيابهم الجديدة ، والحُلَةُ يطوفون حفاةً عُراةً لأنهم وحسب زعمهم لا يتعبدون في الثياب التي اقتُرفتْ فيها الذنوب ..! وإذا عظم على بعضهم الطوافُ عارياً استعار ثوباً من أحد الحُمس ليطوفَ به ..!! والحُمس لا يدخلون بيوتهَم من أبوابها عند ممارسة شعائر شركهم ..!! بل ينقبون في جدران بيتهم نقباً يدخلون منه ..!! والحُمس لا يخرجون إلى عرفات بل يلزمون مزدلفة حتى يقضوا نسكهم ويطوفون بالصفا والمروة حيث يوجد صنمان يدعيان أساف ونائلة آساف بالصفا ونائلة بالمروة وذلك فور انصرافهم من مزدلفة. ( فهل قرأتم في كتاب ما أن من شعائر النصارى الطواف بين الصفا والمروة والتزام المزدلفة أم أن أساف ونائلة من آلهة النصارى ….؟؟؟!!!) و قبائل الحُمس من العرب: قريش كلها. وخزاعة لنزولها مكة، ومجاورتها لقريش ، وكل من ولدت قريش من العرب وكل من نزل مكة من قبائل العرب.فممن ولدت قريش: كلاب، وكعب، وعامر، وكلب بنو ربيعة بن عامر بن صعصعة، وأمهم مجد بنت تيم بن غالب بن فهر. وإياها عنى لبيد بن ربيعة بقوله:
سقى قومي بني مجد وأسقى … نميرًا والقبائل من هلال
والتاريخ يوثِّقُ بالأدلة أنَّ كلَّ القبائل السابقة هي قبائل مشركة بالإضافة إلى قريش فالشرك هو السمة الأساسية لدين العرب القاطنين في شبه الجزيرة العربية في الجاهليّة ،بينما النصرانية انتشرت جغرافياً بين عرب الشام والعراق لأسباب سياسة معتبرة ، ولم تنتشر في شبه الجزيرة وهذا بديهي لكل مؤرخ ناقد .
ونعود إلى الُطلس الفئة الثالثة المتوسطة الذين ضرب عنهم الحريري صفحاً متعمداً وقد أصبحتم تعلمون لماذا !! ، لأنهم في شعائر طوافهم بين الحُلَّة والحُمس وهذا يؤكد أيضاً أن الحُمس وهم كل قريش ليسوا نصارى ..! والطُّلس يصنعون في إحرامهم ما يصنع الحُلَّة، ويصنعون في ثيابهم ودخولهم البيت ما يصنع الحُمس.وذكر أبو جعفر البغدادي في ( المحبر) أنَّ الطلسَ لا يتعرَّونَ حول الكعبة، ولا يستعيرون ثياباً من الحُمس، ويدخلون البيوت من أبوابها ولا ينقبون جدرانهم ، وكانوا لا يئدون بناتهم ، وقد ذكرهم السهيلي وقال إنَّ الطُّلسَ من مشركي العرب , وكانوا يأتون من أقصى اليمن طُلسا من الغبار؛ فيطوفون بالبيت في تلك الثياب الطُّلس، فسموا بذلك .! أما الحُمس فسموا كذلك لأنهم يعتبرون أنفسهم أهل (الحمساء ) أي الكعبة لأن لونَ حجارتها أبيضٌ ضاربٌ إلى السواد فهم أهل الكعبة أي أهل الحرم، والحُلة أهل الحل الذين ابتدعوا في طقوس الطواف. ولقد فصلّ “روبرتسن سمث” في تاريخه الأسبابَ التي جعلت القبائل المشركة العربية تُعنى بموضوع الثياب عند الطواف حول بيت الله ، وأعادها في أصولها إلى عادات القبائل البدائية أي (التابو ) ..!
وعندما جاء الإسلام هدية السماء العظمى حاملاً الهداية لأهل الأرض حافظ الإسلام على قدسيته وعلى تقاليد الحج، إنما نفى عنها كلَّ ما يمتُّ إلى الوثنية بِصِلة وكرَّسها لله الواحد الأحد، فأعاد الأمور إلى نصابها، باعتبار أنَّ الكعبةَ كانت في الأصل بيتًا لله سبحانه وتعالى وأن شعائر الطواف كانت في البداية خالصة لله الواحد الأحد ثم عَبثتْ بها يدُ الشرك الآثمة .
هل كان ورقة بن نوفل من عائلة نصرانية ؟؟
يزعم الحريري صانع كتاب (قس ونبي) أنَّ ورقة بن نوفل كان من عائلة نصرانية أباً عن جد وأنَّ فرعَ عبد العُزَّى بأكمله فرع نصراني بالنسب فهل هذا قول يُعتد به أو به أثارة من علم ..؟!
هو ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العُّزى بن قصي يلتقي مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم في ( قصي ) الجد الأكبر لقريش .
تثبت الأدلة التاريخية الصحيحة بأن الفرعَ الذي ينتمي إليه ورقة بن نوفل : ( نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي ) هو نفسه الفرع الذي تنتمي إليه خديجة زوجة النبي عليه السلام فأبوها من بني أسد ، وهذا الفرع هو فرع مشرك كقريش كلها ، وليس الفرع فرعاً نصرانياً من قريش كما زعم الكاتب ( الحريري ) فأبو ورقة هو نوفل من بني أسد ، وأبو خديجة هو خويلد بن أسد ، وبنو أسد كلهم مشركون يعبدون الأصنام التي حول الكعبة وقد كانت لهم تلبية خاصة بهم عند الطواف تكرس شركهم من جهة وشعورهم بعلو شأنهم وشرف نسبهم من جهة أخرى ..!! وهذا ما جاء في كتاب (الأعلام ) لخير الدين الزركلي بأن أسد بن عبد العُّزى كان مشركاً وكانت تلبية بني أسد إذا طافوا حول البيت وذلك لشرفهم وسؤدد نسبهم تعرف من بين كل التلبيات الأخرى : ( لبيك اللهم لبيك أقبلت بنو أسد أهل الجلد والوفاء إليك …) وكذلك فقد كتب ابن السائب الكلبي نسابة العرب كتاباً خاصاً عن بني أسد بعنوان ( أخبار أسد بن عبد العزى ) وذلك لاشتهارهم في قريش ثم يأتي مُدَّعٍ منكود الحظ كالحريري ويقول إننا لا نعرف شيئاً عن هذا ( الفرع منكود الحظ ) لأنَّ التاريخَ تعمد إخفاء حقيقته ، وذلك بزعمه كي لا نعلمَ أنه فرعٌ نصراني ، وأنَّ النصرانية تعجُّ في قريش ، وأنَّ محمداً تدرب على يد قريبه النصرانيّ ورقة بن نوفل وابنة عمه خديجة النصرانيّة !!!!
أما الجد الثاني المشترك لورقة بن نوفل وخديجة بنت خويلد فهو عبد العزى فقد كان منذوراً من قصي للصنم العُزى أكبر أصنام قريش ،ولكن الحريري يأبى إلا أن يتحفنا بأن عبد العُّزى كان من الفرع النصراني لقريش .. حقاً إنَّ الفهمَ نعمةٌ عظيمة و إنَّ اللبيبَ من الإشارة يفهم فكيف إذا كانت الإشارات حقائق ثابتة ..!!! و أيضاً مما يثبت ويؤكد أنَّ خديجةَ لم تكن نصرانية أيضاً هو زواجها من رجلين من مشركي قريش ، هما عتيق بن عائذ المخزومي ثم هند بن زرارة ( أبو هالة التميمي )الذي رثى كفار بدر.!! وأنجبت أولاداً ماتوا كلهم قبل الإسلام فلو كانت خديجة نصرانيّة حقاً ومن أهل الكتاب هل تختار الكفار للزواج منهم وتترك النصارى ( الذين تعجُّ بهم مكة كما زعم الحريري ) ..!!! إننا إذ أتينا بالدليل على عدم نصرانية خديجة فذلك ليس لمجرد دفع النصرانية عنها فلا يضرها ولا يضيرها ، ولا لدفع التهمة التي مفادها أنها علمت محمداً النصرانية هي وابن عمها ورقة فالأمر أهون من ذلك بكثير فليس كلام المشككين من الخطورة بحيث يحوجنا إلى الهجوم عليه ولا الإسلام من الضعف بحيث يحوجنا إلى الدفاع عنه..!! ولكننا نعشقُ الحقيقة ونقدِّر العقلَ ويعجبنا الدليل الذي لولاه لقال من شاء ما شاء كما فعل ( الحريري ) إذاً خديجة ليست المدربة النصرانيّة وليست مساعدة ورقة الذي علم محمداً فنون النبوة وأخلاقها !!وبالتالي ليس ورقة هو المنظر العقدي ، وواضع أيديولوجيا الإسلام والمنسق لقوانينه التشريعية البديعة الخاصة جداً ، و التي يتميز بها الإسلام وحده دوناً عن كل الديانات الأخرى ، وليس ورقة بن نوفل ذلك الخارق الذي سبق عصرَه في مجال العلم بمئات السنين ليثبتَ في القرآن حقائق علمية دقيقة ، ويميط اللثام عن قوانين كونية غاية في الإبداع لم تُعرف إلا منذ زمن قريب ، بينما يحشو الكتب الأخرى (المقدسة )التي (ينتمي) إليها بالترهات والتناقضات العلميّة المضحكة ..!!!!
دين أشهر أقرباء ورقة بن نوفل من فرع عبد العُّزى
إخوة ورقة بن نوفل وهم ولد نوفل بن أسد بن عبد العزى :
ورقة، وصفوان أمهما: هند بنت أبي كبير بن عبد بن قصي ، فأما ورقة ، فلم يعقب. وكان قد كره عبادة الأوثان، فطلب الدين في الآفاق، وقرأ الكتب. وقد أورد البيهقي في كتابه الأسماء والصفات أن ورقة كان يقول بعد أن يستقبلَ البيت ويسجد : (اللهم إلهي إله إبراهيم وديني دين إبراهيم) ، وصفوان بن نوفل بن أسد: ليس له عقب إلا من ابنته بُسرة بنت صفوان الصحابية الجليلة ، وعدي بن نوفل بن أسد وأمه: أمية بنت جابر بن سفيان، أخت (تأبط شراً) الفهمي. وكان عدي والياً لعثمان على حضرموت .ومخرمة بن نوفل : أيضاً أخو ورقة بن نوفل وقد كان من رجال مشيخة قريش وكبرائهم المشركين مع حويطب بن عبد العزى أوردهم أيضاً ابن عساكر في كتابه الشهير تاريخ دمشق . وعبيد الله بن نوفل أصغر إخوة ورقة .
ولمخرمة بن نوفل قصة شهيرة : خرجت عير من مشركي قريش قبل الإسلام بعشر سنين وهم ثمانون رجلا إلى الشام تجارا والبلاد يومئذ وبئة ، فأقاموا أياما حتى فرغوا مما يريدون ثم خرجوا فلما كانوا بعنازة على ساق بسطوا خميلة لهم ووضعوا شرابهم فشربوا حتى ثملوا وطرقهم الطاعون فماتوا أجمعون إلا رجلين منهم هما حملا تركات القوم أحدهما صفوان بن نوفل وهو أخو ورقة بن نوفل ومخرمة بن نوفل فالثلاثة إخوة ، ومن أبناء صفوان عبد الله بن صفوان بن نوفل وقد استعمله هشام بن عبد الملك على الشام .
أختا ورقة بن نوفل :
رقيقة بنت نوفل وأختها قتيلة وهذه الأخيرة كانت ممن يعتافون و هي التي عرضت نفسها على عبد الله بن عبد المطلب ( والد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ) و كلتاهما كانتا على الشرك وعبادة الأصنام !! في رواية ابن مطعم: أن قتيلة بنت نوفل، أخت ورقة، توسمت ما كان بين عيني عبد الله قبل أن يتزوج آمنة، فودّت لما كانت تسمع من أخيها ورقة بن نوفل من البشارات بوجود محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه قد أزف زمانه أن يكون ذلك منها فعرضت نفسها عليه ، قال الحافظ ابن كثير: ليتزوجها في الأظهر، فامتنع عليها، قال: فلما انتقل ذلك النور الباهر إلى آمنة بمواقعته إياها تعرض لها فقالت: لا حاجة لي فيك، وتأسفت على ما فاتها من ذلك، وأنشدت في ذلك شعرا فصيحا بليغا، قال: وهذه الصيانة لعبد الله ليست له وإنما هي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِرأيضاً من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ الْمَرْأَة الَّتِي عرضت على عبد الله مَا عرضت هِيَ أُخْت ورقة بن نَوْفَل ، وهكذا فإن كل إخوة وأخوات ورقة بن نوفل الذين عرضتهم كتب النسب ليسوا من النصارى ولا المتنصرين فهم إما مشركون ماتوا على الشرك أو مسلمون أجلاء فما تعليق الحريري يا ترى ..!!!!
بُسْرة بنت صفوان بن نوفل بن أسد بن عبد العزى الأسدية.
ورد في كتب الإصابة والتهذيب وتحفة الطالب أن عمها ورقة بن نوفل وهي ابنة أخيه وبسرة صحابية جليلة لها سابقة وهجرة، وهي جدة عبد الملك بن مروان أم أمه ، رضي الله تعالى عنهم. وبقية ولد نوفل من ولد الحصين بن عبيد الله بن نوفل بن عدي بن نوفل بن أسد .
الأسود بن نوفل بن خويلد بن أسد بن عبد العزى وهو ابن أخي خديجة بنت خويلد وابن عم ورقة بن نوفل كان من المشركين ثم أسلم وأصبح من مهاجرة الحبشة .
نَوْفَلُ بْن خُوَيْلِدِ بْن أَسَدِ بْن عَبْد العزي، وهو ابْنُ العدوية، وَكَانَ يُدْعَى أَسَدَ قُرَيْشٍ، وكان من جبابرة المشركين في فرع عبد العزى !!! َقَتَلَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ يَوْمَ بَدْرٍ. وكان نوفل يقرن أبا بكر وطلحة في جبل بمكة يقرنهما معاً ليعذبهما على الإسلام فلذلك سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَطَلْحَةُ (القرينان ) .
زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عَبْد العزى: كان يُكنى أبا حكيمة، وفيه يقول أبو طالب بن عَبْد المطلب:
عظيم الرماد سيد وابن سيد وقتل يوم بدر كافرًا. وولد زمعة عقيلاً الذي قتل مع أبيه يوم بدر مشركاً كافراً، ولا عقبَ له. وولد زمعة : يزيد بن زمعة فهومن مهاجرة الحبشة، واستشهد يوم حنين، ويُقال يوم الطائف. وولد زمعة أيضاً عَبْد الله بن زمعة ممن حضر دار عُثْمَان بن عَفَّان، وقاتل عنه !! ولو ذهبت لأحصي أقرباء ورقة بن نوفل بتمام عددهم لأخرجت الموضوع عن أصله لكثرتهم وللاستفاضة التي تحدثت بها كتب الأنساب عنهم وبالتفصيل الدقيق ولكن يأبى الحريري إلا أن يفتري على التاريخ و يسمي فرع عبد العزى بالفرع (النصراني) المنكود الحظ الذي أغفل ذكره التاريخ ..!!!
وأما قصة البقية الذين يعنى بهم (الحريري) فلا بد من إدراجها لوحدها لتعلموا الأسلوب الذي يتبعه في التدليس عند ذكر أسمائهم ..!!
ولد الحويرث بن أسد بن عبد العزى : هما عثمان والمطلب وأمهما: تماضر ابنة عمير بن أهيب بن حذافة بن جمح.
عثمان بن الحويرث:
ويقال له البطريق ولا عقب له ، طمع في الرئاسة وخطط لها فلم يجد إلا التنصر وسيلة لها وهذه قصته :
عن عروة بن الزبير قال: خرج عثمان بن الحويرث، وكان يطمع أن يملك قريشاً، ، حتى قدم على قيصر، وقد رأى موضع حاجة قريش إليه، ومتجرهم ببلاده. فذكر للقيصر مكة ورغبه فيها، وقال: تكون زيادة في ملكك كما ملك كسرى صنعاء. وقال: ” أحملهم على دينك، فيدخلون في طاعتك! ففعل القيصر، وكتب لعثمان بن الحويرث عهداً وختمه بالذهب؛ فهابت قريش قيصر، وهموا أن يدينوا له ؛ فملكه عليهم، وكتب له إليهم. و حمله على بغلة عليها سرج عليه الذهب، حين ملَّكه. ومما يقال أنه لما قدم بن الحويرث على قريش قال: يا قوم إن قيصر من قد علمتم أمانكم ببلاده، وما تصيبون من التجارة في كنفه ، وقد ملكني عليكم، وإنما أنا ابن عمكم وأحدكم، وإنما آخذ الجراب من القرظ، والعكة من السمن، والإهاب، فأجمع ذلك ثم أبعثه إليه، وأنا أخاف إن أبيتم ذلك أن يمنع منكم الشأم فلا تتجروا به، ويقطع مرفقكم منه. فلما قال لهم ذلك خافوا قيصر، وأخذ بقلوبهم ما ذكر من متجرهم، فأجمعوا على أن يعقدوا على رأسه التاج عشية ، وفارقوه على ذلك. فلما طافوا عشية، بعث الله عليه ابن عمه أبا زمعة الأسود بن المطلب بن أسد، فصاح على أحفل ما كانت قريش في الطواف: يآل عباد الله، ملك بتهامة !! إن قريشاً لقاح لا تملك ولا تملك..!! ) فانحاشوا انحياش حمر الوحش، ثم قالوا: صدق واللات والعزى، ما كان بتهامة ملك قط. فانتقضت قريش عما كانت قالت له، ولحق عثمان بن الحويرث بقيصر ليعلمه رفض قريش !! فاتسعت قريش على كلامه، ومنعوا عثمان مما جاء له؛ فمات عند ابن جفنة؛ فاتهمت بنو أسد ابن جفنة بقتله !!
عبيد الله بن جحش (المرتد)
: لم يكن نصرانياً بالنسب ولم يتنصر في مكة بل تنصر في أرض الحبشة مرتداً عن الإسلام وذلك عندما هاجر إلى الحبشة مع بقية المسلمين والدليل ما روي في كتب التاريخ ومنها طبقات ابن سعد : كان قَيْس بْن عَبْد الله ظئرا لعبيد الله بْن جحش فهاجر معه إِلَى أرض الحبشة. فتنصر عُبَيْد الله بْن جحش ومات هناك بأرض الحبشة. وثبت قَيْس بْن عَبْد الله على الإسلّام ولذلك كان المسلمون من قريش يتندرون بقصتهما ويمثلون بها على قرينين خاب أحدهما خيبة عظمى يقولون : (هنيئاً لقيس وتعساً (لابن جحش ) )..!! يقصدون عبيد الله وليس عبد الله .!!
زيد بن عمرو بن نفيل :
العجيب أن الحريري يذكر عمرو بن نفيل مع النصارى وفي الحقيقة فهو لم يكن نصرانياً ولم يتنصر والدليل من صحيح البخاري : أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ يَسْأَلُ عَنِ الدِّينِ، وَيَتْبَعُهُ، فَلَقِيَ عَالِمًا مِنَ اليَهُودِ فَسَأَلَهُ عَنْ دِينِهِمْ، فَقَالَ: إِنِّي لَعَلِّي أَنْ أَدِينَ دِينَكُمْ، فَأَخْبِرْنِي، فَقَالَ: لاَ تَكُونُ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، قَالَ زَيْدٌ مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، وَلاَ أَحْمِلُ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُهُ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ، قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا، قَالَ زَيْدٌ: وَمَا الحَنِيفُ؟ قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا، وَلاَ نَصْرَانِيًّا، وَلاَ يَعْبُدُ إِلَّا اللَّهَ، فَخَرَجَ زَيْدٌ فَلَقِيَ عَالِمًا مِنَ النَّصَارَى فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَقَالَ: لَنْ تَكُونَ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ، قَالَ: مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ، وَلاَ أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ، وَلاَ مِنْ غَضَبِهِ شَيْئًا أَبَدًا، وَأَنَّى أَسْتَطِيعُ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ، قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا، قَالَ: وَمَا الحَنِيفُ؟ قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا ، وَلاَ يَعْبُدُ إِلَّا اللَّهَ، فَلَمَّا رَأَى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ خَرَجَ، فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنِّي عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ .
وفي صحيح البخاري عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ: ” رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الكَعْبَةِ يَقُولُ: يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ، وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي، وَكَانَ يُحْيِي المَوْءُودَةَ، يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ، لاَ تَقْتُلْهَا، أَنَا أَكْفِيكَهَا مَئُونَتَهَا، فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ قَالَ لِأَبِيهَا: إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ، وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مَئُونَتَهَا ” ولكن الحريري يأبى إلا أن ينصرَّه !!
إذاً إن قريشاً لم يكن أحد فروعها فرعاً نصرانياً ، فليس في قريش من نصارى النسب بل أفراد أي أفراد قلة تنصروا لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة وتنصرهم كان لمنفعة فقيصر الروم حمل عثمان بن الحويرث على بغلة عليها سرج موشى بالذهب وكان يريد أن يملكه على قريش ، حين تنصر وبعث معه كتابه إلى قريش ، وعبيد الله بن جحش نال مكاسب عند الأعيان الأحباش النصارى، وكل ما سبق يؤكد عدم نصرانية فرع عبد العزى وإلا لاستقوى هذا الفرع بنصرانيته أمام بقية قريش ونفذ ما جاء به عثمان بن الحويرث (البطريق ) ، ولكان رضي هذا الفرع بتنصيب البطريق المتنصر وهو ابن عمهم ملكاً عليهم ولكن هذا لم يحدث لأنهم لم يكونوا نصارى بل حمساً مشركين …!!!
ومرة أخرى ولن نمل نكرر ذلك فإن ورقة بن نوفل لم يكن نصرانياً أباً عن جد بل متنصراً كما أثبتنا بالدليل ولكن ورد في الكتب المعتمدة إنه كان يعلن أنه على دين إبراهيم وفي نفس الوقت كان يقرأ في التوراة والإنجيل معاً بالعبرية فما القصة .؟!!! هذا ما سندرسه في الجزء الثالث إذا أذن لنا الله تعالى بعرض بقية الحقيقة والذود عن الحق الذي أسأل الله تعالى أن يوفقنا لا تباعه ولا يفتننا بمجرد معرفته !!
أرسلت فى شبهات وحقائق | مصنف قتيلة بنت نوفل, قس ونبي, مشيخة قريش, ورقة بن نوفل, أبرهة الحبشي, أساف ونائلة, القليس, اللات والعُزى, النصرانية جغرافياً, البطريق, التماثيل في الإسلام, الحلة, الحمس, الحمس والحلة, الرد على كتاب قس ونبي, احتراق الكعبة, بنو أسد, باقوم الرومي, بسرة بنت صفوان, خديجة بنت خويلد, زيد بن عمرو بن نفيل, صورة مريم عليها السلام في الكعبة, عبيد الله بن جحش, عثمان بن الحويرث | اكتب تعليقُا
أضف تعليق